بوابة كأس العالم للأندية

حرفة الأجداد تحيا بأيادى الأحفاد.. ورشة فى باب الخلق تحفظ التراث بصناعة الكراسى من قش البردى.. الحرفيون: صناعة يدوية قديمة كلها فن ومهارة.. منتجاتنا تواكب احتياجات السوق المعاصر وتطلب فى الفنادق والقرى السياحية

الخميس، 19 يونيو 2025 12:00 ص
حرفة الأجداد تحيا بأيادى الأحفاد.. ورشة فى باب الخلق تحفظ التراث بصناعة الكراسى من قش البردى.. الحرفيون: صناعة يدوية قديمة كلها فن ومهارة.. منتجاتنا تواكب احتياجات السوق المعاصر وتطلب فى الفنادق والقرى السياحية صناعة الكراسي من قش البردي
كتبت مرام محمد – بتول عصام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى زاوية من زوايا منطقة باب الخلق، خلف بيوت تاريخيّة عتيقة، ورشة تبدو بسيطة فى ظاهرها، لكنها تعج بالعطاء والمهارة، تتنفس فيها الحرفة عبر أنامل صنّاع لم تنل منهم السنين، بل زادتهم صبرًا وإتقانًا، كل شيء فيها له دور فى ولادة قطعة خشبية تُحاكى الذوق بحب وشغفٍ دفين وتقف شامخة مفتخرة بأصلها اليدوى.

شوارع القاهرة التاريخية
شوارع القاهرة التاريخية

الورشة ليست مجرد مكانًا للعمل، بل مساحة يلتقى فيها الفن بالحرفة، كل ركن فيها يحكى قصة يومية للإبداع والصبر والعمل الشاق، ويحمل بصمة الروح وحكاية صانع عرف كيف يروّض الخشب الخام ويحوله إلى تحف فنية لها شكل ووظيفة، ولمسة فريدة، كأنّ بين أضلاعه روح فنان عشق مهنته، فسكب فيها من قلبه قبل يديه.

إسماعيل سعد صاحب الورشة ووالده
إسماعيل سعد صاحب الورشة ووالده

وبينما كانت الأيدى الماهرة تنحت وتشكل وتصوغ الجمال من أبسط الأشياء، تحدث إسماعيل سعد صاحب الورشة، عن تاريخ عائلته فى صناعة الكراسى من قش البردى، ومراحل العمل التى تجرى داخل الورشة بالاعتماد على مجموعة من الحرفيين حتى تخرج منتجاتهم الخشبية فى صورتها النهائية.

الكراسي من قش البردي
الكراسى من قش البردى

بأيدٍ خبيرة يخرج كل كرسى وكأنه يحمل روح المكان وتاريخه وعبق الأيادى التى صنعته، تنبعث روح الماضى، وتستيقظ الحرفة كما لو أن الزمن لم يمضِ: "تاريخ عمل المكان يعود إلى عام 1965، نصنع كراسى قش البردى بكل أنواعها وأشكالها والطاولات والشماسى والحبال، وكل مراحل تصنيع الكراسى وتجميلها تتم هنا، بداية من شق الخشب ومسح الخشب ونقر الخشب وصولًا لتجميع الخشب وتجميل الكرسى بقش البردي".

 

 

إتقان صناعي الكرسي

 

إتقان صناعي الكرسي

تبدأ رحلة كل كرسى من فكرة فى ذهن صانع، إلى واقعٍ يحتضن الجالسين عليه، كل قطعة تمر بين يديه لا تُعامل كجماد، بل كتحفة تنتظر أن تأخذ مكانها فى بيتٍ أو مكتب أو حديقة: "فى مرحلة التصنيع يتم الاستعانة بآلة المنشار لشق قطع الخشب، وماكينة الرابوه لمسح أرجل الكرسى، وآلة التخانة لتسوية أسطح أرجل الكرسى، وفى مرحلة التجميل يتم تعبئة كلًا من ظهر الكرسى ومقعده بقش البردى، ثم تأتى المرحلة الأخيرة وهى مرحلة الطلاء".

تصاميم كراسي من قش البردي

تصاميم كراسي من قش البردي

تولد الكراسى واحدة تلو الأخرى حاملة بين تفاصيلها حكاية جهد وعناية، بأيدٍ تعرف كيف تُحاكى الخشب، وتمنحه روحًا تنطق بالراحة والجمال: "تبدأ مرحلة تجميل الكرسى وتغليفه بقش البردى بعد الانتهاء من مراحل التصنيع، البردى نبات طبيعى نحصل عليه من طريق مصر إسكندرية الصحراوى، ويكون فى هيئة حزم، وتجهيزه يمر بعدة مراحل، تبدأ ببله بالماء حتى يكتسب الطراوة والليونة ويسهل لفه ثم يُمشط ويُفتل ليصبح حبلًا متينًا، ويشكل حسب التصميم المطلوب، وتستغرق مرحلة تعبئته فى الكرسى يدويًا من ساعة إلى ساعة ونصف".

خلال عملية التصنيع

خلال عملية التصنيع

بينما تتغير التصاميم وفق متطلبات الأذواق وروح العصر، تظل المواد الخام شاهدة على ثبات الأصل، ومن داخل ورشة كراسى قش البردى، تتجلى هذه الفلسفة بوضوح: "الخامة واحدة لم تتغير، هى ذاتها منذ القدم، قش البردى الطبيعي. لكن الأشكال والتصميمات تتغير من زمن إلى آخر. نحن نحرص على مواكبة العصر فى ما نقدمه من تصميمات، فلكل عميل ذوقه الخاص، وعلينا أن نستجيب له".

 

 

شقيق إسماعيل خلال التصنيع

 

شقيق إسماعيل خلال التصنيع

مع مرور الزمن، لا يتوقف التطوير عند حدود الشكل فقط، بل يتعداه إلى التفاصيل الدقيقة التى تصنع الفارق فى عين الزبون: "طورت شكل الكرسي. كنا نصنعه قديمًا بشكل مربع بسيط، ثم بدأت أُدخل عليه أشكال الحليات، حتى يكون أكثر جاذبية ويلفت نظر الزبائن بجودته وشكله".

 

 

صناعة الكراسي من قش البردي

 

صناعة الكراسي من قش البردي

وبين مراحل التصنيع المختلفة، يظل الزمن جزءًا من مكونات المنتج، فكل قطعة تمر بمراحل من الجهد والمهارة حتى تصل إلى صورتها النهائية: "هى صناعة يدوية قديمة تحتاج إلى وقت وصبر وفن، حتى يخرج المنتج بأعلى جودة. العامل الواحد يستغرق فى صناعة الكرسى من ساعة إلى ساعة ونصف، ثم ينتقل إلى كرسى آخر بنفس الطريقة".

مراحل تصنيع كراسي قش البردي

مراحل تصنيع كراسي قش البردي

لا يتحدد ثمن الحرفة فقط بالخامة، بل بتلك التفاصيل التى تجعل من كل كرسى منتجًا مميزًا يستجيب لرغبة الزبون وظروف المكان: "السعر يختلف حسب المقاسات والتشطيب والمساحة، وكذلك حسب طلب الزبون. سعر الكرسى فى المتوسط نحو ألف جنيه".

 

 

منتجات الكراسي من قش البردي

 

منتجات الكراسي من قش البردي

تتجذر الحرفة فى نوعٍ واحد من الخامات، لكن تنفتح على منتجات متعددة، تخدم استخدامات مختلفة فى الحياة اليومية وفى الأماكن العامة: "نستخدم نوعًا واحدًا فقط، وهو قش البردي. ونصنع كذلك الشماسى البحرية. هنا فى القاهرة الفاطمية، تنتشر الصناعات اليدوية، من الكراسى إلى الشماسى والقبقاب وغيرها من المنتجات".

 

 

ورشة فى باب الخلق

 

ورشة فى باب الخلق

ولأن الكرسى مصنوع من الطبيعة، فإنه يحتفظ بخصائصها ويقاوم الظروف المحيطة، مما يجعله اختيارًا عمليًا وجميلًا: "أى نبتة طبيعية روحها المياه والشمس والهواء، كرسى قش البردى منتج طبيعى يمتص الرطوبة فى الشتاء والحرارة فى الصيف، وقادر على التحمل لسنوات طويلة، وفى حال تعرض القش للتلف مع سوء الاستعمال، نقوم بترميمه من جديد داخل الورشة، أما من الناحية الجمالية، فهو يتميز بصناعته اليدوية المتينة والمتقنة وتتنوع تصاميمه بما يناسب مختلف الأذواق وديكورات المنازل".

 

 

ورشة تصنيع الكراسي

 

ورشة تصنيع الكراسي

تظل الهوية المصرية حاضرة فى كل منتج، ليس فقط فى المظهر، بل فى روح الصناعة وطريقتها التى تحمل خبرات الأجيال: "المنتج المصرى يتميز بعنصرين: الخامة الأصلية، وطريقة التصنيع. الصناعة المصرية لها طابعها الخاص، وتحتاج إلى حرفى يحب عمله، ويفهم تفاصيله، ويتقن استخدام الخامة".

 

 

منتجات قش البردي

 

منتجات قش البردي

وما بين الفنادق والمطاعم والقرى السياحية، تأخذ هذه المنتجات طريقها نحو جمهور يقدر الصنعة اليدوية ويفهم معناها، حتى من خارج الحدود: "منتجاتنا تُطلب فى القرى السياحية، والفنادق، والمقاهى، والمطاعم، كما أنها تُصدر إلى مناطق مثل الساحل الشمالى، وشرم الشيخ، والغردقة. السياح يُعجبون جدًا بجودة الشغل اليدوى، ويقدرونه. وأنا مستمر فى مهنتى، أحبها، وأطور نفسى فيها باستمرار، وأصمم كل يوم أشكالًا جديدة".

 

 

ورشة تصنيع الكراسي

 

ورشة تصنيع الكراسي
 
منتجات الكراسي
منتجات الكراسي
 
منتجات قش البردي
منتجات قش البردي
قش البردي
قش البردي






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة